Translate

الطفل الموهوب

معلم الموهوبين




الطفل الموهوب

الطفل الموهوب هبة الله سبحانه وتعالى يتحلى بصفات تميزه عن غيرة من الأطفال العاديين، وتٌعد هذه الموهبة مصدراً قوياً وعنصراً فاعلاً ما إن تم اكتشافها باكراً وتم توظيفها بالشكل السليم لتخدم المجتمع والعالم. ولأولياء الأمور والمعلمين الدور الأساس في اكتشاف هذه المواهب والقدرات، فلا بد من تكاتف جهود الطرفين (الأسرة والمدرسة) ليجني المجتمع نخبة من الموهوبين غير العاديين الذين سيكونون اللبنة الأساسية في بناء نهضة جديدة لمجتمع فريد.


ويمكن تعريف الموهوب على أنه ذلك الطفل الدائم التعطش للمعرفة، كثير الأسئلة، الميّال للنقد وإثارة الأسئلة غير المتوقعة، المتسم بغزارة إنتاجيته للأفكار والحلول غير المألوفة لما يٌطرح عليه من قضايا ومسائل، وهذا يشكل صعوبات جمٌة أمام معلميه في تقويم هذه الأفكار بل وفي فهمها أحيانا (القريطي،2005). ويتميز الموهوبون كذلك بامتلاك المعلومات الكثيرة، وحب استعمال الأفكار المجردة، والميل للقراءة والاستمتاع بها، والالتزام بأداء المهمات، إلى جانب الاهتمام بالقضايا الأخلاقية مثل العدل والمساواة، والإحساس بالملل من الروتين ومحبة التجديد، وسعة الخيال والمغامرة، بالإضافة إلى الثقة العالية في النفس والقدرة على اتخاذ القرارات.

يؤكد معظم المعلمين على ذكر أهم صفات الطلبة الموهوبين، ومنها أنهم يعمدون لإنهاء عملهم بسرعة وقد ينجزون المزيد من العمل أكثر من غيرهم. كذلك يسألون أسئلة تختلف عن أسئلة أقرانهم في عمق الفهم والتكرار، إضافة إلى ذلك أن لديهم اهتمامات في مجالات مختلفة وأقرب لاهتمامات الطلاب الأكبر منهم عمراً. أيضا فإنهم في بعض الأحيان يٌبدون استخفافهم بالمنهج الدراسي وأنشطته الروتينية التي لا تتحدى قدراتهم وتستثير طاقاتهم الفعلية.

تلعب شخصية المعلم دوراً مهماً في الكشف عن احتياجات الطلاب الموهوبين وتنمية قدراتهم، وذلك حين يتفهم أفكارهم وأرائهم وتجاربهم ويشجعها ويوسع مجالات اهتماماتهم ويطورها. هذا وأكد الكثير من الباحثين أن المعلم الناجح يجب أن يكون على دراية تامة ومعرفة واسعة بحقل تخصصه وبالمجالات المرتبطة به, ومتحلياً بالتسامح والتفتح العقلي، وأن تكون لديه اتجاهات إبداعية مرنة.

ينقسم معلمي الصفوف العادية لمجموعتان، المجموعة الأولى: قد يبدون تبرماً وإحساساً بالضيق لكثرة أسئلة الطالب الموهوب وعدم فهمهم الحقيقي لشخصيته، إضافةً إلى انتقادهم لسلوكياته التي تثبط من همته وحماسه، ويعود ذلك لجهلهم بخصائص الموهوبين وطرق اكتشافهم داخل الصف وكيفية توظيف طاقاتهم وقدراتهم ومعرفة احتياجاتهم، مما يؤدي إلى غياب الجودة والتميز في أفكار الموهوبين الصغار، فيلجأ هؤلاء الصغار لاحقاً إلى إخفاء مقدرتهم الحقيقية، فضلاً عن زيادة شعورهم بالتوتر والخوف.

أما المجموعة الثانية: فهم المهتمون الذين يستمتعون باكتشاف خصائص وقدرات الطالب الموهوب ويهتمون بتطبيق استراتيجيات مختلفة مثل تقسيم الطلبة لمجموعات حسب القدرات والاهتمامات,ويعملون على ضغط المنهج (التسريع) والإثراء وغيرها. هذا ويهتم المختصون بضرورة التدريب المستمر للمعلمين بشكل عام لإطلاعهم على ما يستجد في هذا المجال أثناء الخدمة، إضافة إلى إعداد قوائم ملاحظة للتعرف على سلوك الموهوبين والتدريب المكثف على مهارات ملاحظة هذا السلوك.

أما "معلم الموهوبين" خاصة, فإن دوره أكبر وأشمل داخل المدرسة في تطوير الوعي بالخصائص السلوكية الخاصة بالموهوبين ومراعاتها أثناء عملية التعليم لأنها تسهم بالكشف عن الموهوبين وتنمية مهاراتهم وقدراتهم. هذا وعلى سبيل المثال لا الحصر يقوم معلم الموهوبين بتنظيم الأنشطة الداعمة للطلاب والمدرسين الآخرين في المدرسة، واختيار البرامج التربوية والإرشادية الملائمة, ونشر معلومات عن أساليب التدريس المبتكرة والمواد النموذجية والأشخاص الذين يمكن الرجوع إليهم. كذلك يعمل على مساعدة المعلم العادي في تصميم أنشطة وتقديم خدمات تربوية تناسب قدرات الموهوبين وتلبي حاجتهم داخل الصف العادي. أيضا فإن معلم الموهوبين يعمل على دمج تجارب المنهج الاعتيادي مع تجارب البرنامج الخاص وتقديم الاستشارة والنصح للطلاب والأهالي والمدرسين بخصائص الموهوبين و إيجاد الحلول لبعض المشاكل المتعلقة بالموهوبين للمساعدة على فهم أفضل لهم.

و قد أشاد (المفتي، 2000) في كتاب الموهوبون والمتفوقون، أن من أهم الأعمال التي يجب أن يقوم بها معلم الموهوبين هي:
- حث الطلاب على البحث والاستقصاء والاستدلال.
- الاهتمام بأسئلة الطلاب غير المألوفة وتقدير أساليب تفكيرهم.
- إظهار الاهتمام بأفكار الطلاب والحلول المبتكرة للمشكلات.
- تصميم مواقف تعليمية تستثير المناقشة والحوار.
- تشجيع حب الإطلاع والفضول العلمي، والتجريب لدى الطلاب.
- تنمية التفكير الناقد والتفكير الإبداعي لدى الطلاب.
- مساعدة الطلاب على التعمق في موضوعات أو قضايا غير عادية.
- تنمية التقييم الذاتي لدى الطلبة.
- مساعدة الطلاب في التغلب على الإحباط وتكرار المحاولة.

يجب أن يعمل مدرس الموهوبين ومدرس الصف العادي كأعضاء في فريق واحد, وعلى كل منهما أن يُقدّر مساهمة الآخر في تعليم الطلاب الموهوبين. أيضا على مدرسي برامج الموهوبين أن يتشاوروا مع مدرسي الصفوف العادية لتثبيت الثقة فيما بينهم, وتزويدهم بمعلومات حول الموهبة ومهارات التدريس المناسبة. كما يمكن للمعلمين العاديين العمل على تطوير خطط تعليمية فيها تحدي وإثارة للطلاب ذوي القدرات المتفاوتة في الفصل العادي لتحقيق التعليم الأمثل الذي ينشده كل تربوي. يحاول الكثير من التربويين تنفيذ برامج تتماشى مع احتياجات وتحديات الطلاب الموهوبين داخل الفصول العادية، وذلك لخلق بيئة تعليمية يستطيع من خلالها هؤلاء الطلاب تطوير قدراتهم واهتماماتهم بشكل كامل دون عزلهم أو فصلهم عن طلبة الصف العادي الذي ينتمون إليه, وهذا متطلب كبير للطلاب والمعلمين, لأنهم لا يحبذون الحل المعتاد وهو فصل هؤلاء الطلاب في مجموعات صغيرة متجانسة وتنفيذ برامج تعليمية خارج الصف العادي.

مما لا شك فيه أنه لدى الكثير من الأسر أبناء موهوبون لم يتعرف الأبوين عليهم لجهلهم بخصائص الموهوب، وقد يتجانسون في وسط الفصول العادية في المدارس مع بقية الطلبة العاديين ولا يكتشفهم أحد. فعلينا أن ننظر إلى ما هو أبعد من المألوف, وذلك بالتخطيط لبيئة عمل يستطيع فيها كل من الطلاب والمعلمين والآباء تطوير مهاراتهم واهتماماتهم ضمن حدود وحدة تنظيمية واحدة. لذا إن التعرف على احتياجات الطلاب ثم الوصول إلى تطوير برامج مناسبة لهم، ومناهج توازي ذلك الاحتياج هو الهدف المنشود. وتضل المسؤولية على عواتقنا باستنهاض كل الطاقات من تفكير أو قراءة أو تعلم لطرق الكشف عن الموهوبين الصغار الذين من حولنا, وأن نأخذ بعين الاعتبار جدية الموضوع واستشعاره كواقع مشرق نتأمله مستقبلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق